الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة علل الكرة التونسية في اللّخبطة وغياب البرمجة والفساد والقوانين والتجهيزات والمتمعشين

نشر في  02 أفريل 2014  (20:58)

أخيرا وبعد طول انتظار أعلنت الجامعة التونسية لكرة القدم تعاقدها مع المدرب البلجيكي «جورج ليكنز» ليتولّى الإشراف على تدريب المنتخب الوطني لمدة عامين مع إمكانية التمديد له بعامين إضافيين مقابل راتب شهري في حدود 25000 أورو أي ما يعادل 56 ألف دينار تونسي.
وقد أكدت الجامعة أن تعاقدها مع البلجيكي ليكنز هو تعاقد أهداف على المدى القريب والمتوسط والبعيد، وأوّل هذه الأهداف هو التأهل لكأس الأمم الافريقية 2015 وتطوير الكرة التونسية والإدارة الفنية للمنتخبات بمساعدة مدربي الأندية.. وأرجع مسؤولو الجامعة اختيارهم للمدرب المذكور إلى نجاح التجربة البلجيكية وتطور مستواها في السنوات الماضية. وبإلقاء نظرة على السجل التدريبي للممرن «ليكنز» نلاحظ العدد الكبير من الأندية التي تولّى تدريبها غير أن التتويجات التي حصل عليها كمدرب تعتبر متواضعة قياسا بعدد الفرق التي مرّ بها وقيمتها، حيث لم يتحصل سوى على ثلاثة ألقاب كانت كلها في بلاده رغم إشرافه على تدريب أغلب الفرق البلجيكية.
ووجبت الإشارة هنا إلى أن مسيرة «ليكنز» انطلقت سنة 1984 مباشرة بعد اعتزاله اللعب عندما تولى تدريب سيركل بروج عام 1984 لمدة ثلاث سنوات قبل ان يشرف على الاجهزة الفنية لفرق اندرلخت وكلوب بروج وكورتريك، وقد خاض اول تجربة تدريبية خارج بلاده بتوليه تدريب طرابزون سبور التركي عام 1992، وفي سنة 1993 عاد للعمل في بلاده وليعهد إليه بالإشراف مرّة أخرى على حظوظ سيركل بروج وشارل لوروا قبل ان ينال شرف تدريب المنتخب البلجيكي لأول مرة في الفترة الممتدة من 1997 الى 1999.
وقد شهدت سنة 2003 خوضه أول تجربة عربية على مستوى المنتخبات بأخذه زمام الأمور مع منتخب الجزائر قبل ان يعود لتدريب الاندية في بلاده إلى غاية تعيينه مجدّدا مدربا لمنتخب بلجيكا في الفترة ما بين 2010 و2012.. وقد أكد «جورج ليكنز» بعد اتفاقه بصفة نهائية مع الجامعة انه متحمّس كثيرا للتجربة التي فضّلها على عدة عروض رغبة منه في العودة إلى تدريب المنتخبات على غرار تجاربه مع منتخب بلاده والمنتخب الجزائري. وكشف قبل مجيئه البارحة إلى تونس أن الهدف الأساسي من تعاقده مع جامعتنا هو إعادة المنتخب التونسي إلى خارطة كرة القدم، لكن على السيد «جورج» - ولا أخاله تغافل عن ذلك- أن إعادة منتخب تونس إلى الخارطة تستوجب وجود خارطة طريق رياضية واضحة المعالم والأهداف، إذ في غيابها غياب للبرمجة والتخطيط والغايات وهو ما يجعل انتداب أي مدرب مهما كان حجمه وصيته ومستواه غير ذي جدوى، وبالتالي أعتقد أنّه من الواجب وقبل التفكير في المدرب أن نعيد ترتيب البيت وهيكلة الكرة التونسية التي تجاوزتها الأحداث.. نعيد النظر في التكوين وفي القوانين وفي ما يسمّى «احترافا» هذا الذي ندّعيه ولا علاقة له بواقعنا الرياضي.. لذلك كنت أعتبر ومازلت أن مسألة المدرب الوطني أو بالأحرى مدرب المنتخب مسألة ثانوية لأن نجاحه مرتبط بما سيتوفّر له من إمكانات بشرية وبطولة قوية وبنية تحتية وملاعب متطورة وبرامج علمية.. وإنطلاقا من كلّ هذا، من الوهم أن نعوّل كثيرا على اسم المدرب وتاريخه وألقابه فقط -وعلى أهميتها- لتحقيق الأهداف المنشودة، خصوصا أن نجاح المدرب بدوره يتوقّف على قيمة اللاعبين الذين على تصرّفه. والثابت أن كرتنا تمرّ بمرحلة انتقالية على غاية من الصعوبة حتى أصبحنا نعتبر التأهل إلى كأس أمم افريقيا سنة 2015 كأحد الأهداف المطالب «ليكنز» بتحقيقها، وهو ما يمثل دليلا قاطعا واعترافا ضمنيا من المشرفين على تسيير كرتنا بتراجعنا وتخّلفنا وتقهقرنا إلى أدنى درجات الإخفاق والفشل.
لقد تراجعت طموحاتنا وتقلّصت تطلّعاتنا إلى درجة أن بات التأهل إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا هدفنا الأوّل والعاجل بعد أن كنا نطالب المدربين الذين نتعاقد معهم بالمربع الذهبي كحد أدنى في النهائيات القارية..
من جهة أخرى إستغربت التصريح الذي كان أدلى به نائب رئيس الجامعة الأستاذ ماهر السنوسي وأكد فيه أن من بين الأهداف التي اتفقوا عليها مع المدرب الجديد هو أن يتولّى هذا الأخير تطوير الكرة التونسية مع المدربين التونسيين والحال أن عملية التطوير هذه من مشمولات الجامعة والإدارة الفنية.. إن هذا التطوير المنشود يمرّ حتما عبر القيام بثورة حقيقية تقضي على السلبيات والمشاكل والمحاباة، ثورة تنطلق من أصناف الشبان وتمرّ عبر التجهيزات والملاعب والقوانين والتمويل والإستشهار والإدارة والتسيير حتّى نؤهّل كرتنا لإصلاح جدي والإنطلاق في البناء من جديد، أما خلاف ذلك فسيكون ضحكا على الذّقون، وبمثابة الحبّة المسكّنة للأوجاع بمجرّد ما ينتهي مفعولها تعود الأوجاع أكثر وأشدّ ألمًا.
نحن ندرك تمام الإدراك التام أن الأمر على غاية من الصعوبة ويتطلب تضافر جهود الجميع لتحقيق الإصلاحات الضرورية للكرة التونسية، كما ندرك أيضاً أن هناك العديد من الأطراف الفاعلة والمتداخلة التي لا تريد للوضع أن يتغيّر وللمشهد الرياضي أن يتطوّر لأن في تغييره وتطويرها إضرارا بمصالحها وتهديدا لها، ولكن مع ذلك تبقى المسؤولية الكبرى منوطة بعهدة الجامعة المطالبة بتحمّلها كاملة وبشجاعة لعلّها تنجز ما عجزت عن تحقيقه الجامعات المتعاقبة أو على الأقل تبادر بوضع اللبنة الأولى لثورة الإصلاح في الكرة التونسية حتّى تنهض من جديد وتعود بأكثر قوّة ولا يرتبط مستواها ومصيرها بنتيجة مباراة أو بإسم مدرّب أو بتجنيس لاعب بقدر ارتباطها ببرامج علمية وأهداف مستقبلية.

بقلم:عادل بوهلال